يُروى في الأساطير أن أميرًا يدعى آثا أصيب في
عينه أثناء معركة في أرض في لبنان، فاشتق من قصته اسم للمنطقة هذه، وهو "عين
آثا"، ومع مرور الزمن صارت تلفظ "عيناثا" بجمع الكلمتين.
ويروى أيضًا، أن البلدة نفسها
اشتهرت بعيون الماء الكثيرة والآبار، فاشتق الاسم من هذه الفكرة وفي اللغة السريانية
تؤنّث كلمة عين لتصير "عيناثا"، وكتبت العديد من الأشعار بحق هذه
العيون، وكان أشهرها بيتٌ من قصيدة _من مئة بيت بحرف العين
"على عين عيناثا عبرنا عشية عليها عيون العاشقين عواكفُ"
وهكذا نشأت تسمية بلدة "عيناثا" في جنوب لبنان.
تقع عيناثا على الحدود المتاخمة للأراضي الفلسطينية وتُعد
من قرى الخط الثاني، وعلى الرغم من ذلك، إلا أن هذه البلدة تعرضت للعديد من
الأحداث التاريخية والحروب. و
عام 2024،
اندلعت حرب على لبنان، وخلال هذه الحرب تعرّضت العديد من البلدات للدمار والقصف
بشكل كبير، ومن بينها كانت بلدة عيناثا، حيث تم قصفها وتدمير عدد كبير من المنازل
والمحلات فيها، بما في ذلك روضة الشهداء التي تم تدميرها بتاريخ 27 تشرين الأول 2024،
بالإضافة إلى المسجد والحسينية في البلدة.
شكّلت روضة
شهداء عيناثا جزءًا كبيرًا من كتابة تاريخ وهوية هذه البلدة، بما وصلت إليه عام
2025 بضمّ 84 شهيدًا في أرضها، بعد أن كانت قد بدأت بشهيدين بعد العودة في تحرير
العام 2000. ت
ت"عدتُ إلى ضيعتي في
الثامن والعشرين من تشرين الثاني، كنت أظن أنّني مستعد، أنّني هيّأت قلبي للخراب،
وتصالحتُ مع فكرة الفقد، لكن لا شيء يُعدّك لرؤية ذاكرة الطفولة مدمّرة، ولا أحد
يُعلّمك كيف تمشي فوق الركام دون أن تنكسر. كلّ حجر كان يعرفني، كلّ شجرة كانت تحفظ صوتي. والآن، كلّ شيء
ينظر إليّ وكأنّه يسألني: أين كنتم؟ عندما وصلت إلى روضة الشهداء، لم أجدها. كانت
القبة الزرقاء التي طالما رفرفت فوق أسماء الأحبة، مرمية على الأرض، مشقوقة كقلبي
تمامًا. قفزتُ فوقها لأكون أول الداخلين، لم أتمالك نفسي، كنت أركض كمن يبحث عن
روحه بين الركام. توقّعت أن أجد شاهدًا واحدًا، اسمًا محفورًا، شيئًا يُطمئنني أن
الذكرى ما زالت حيّة، لكن لا أثر بقي للقبور. كأن الأرض ابتلعت من فيها، وكأن
الحرب أرادت أن تمحو حتى فكرة الخلود. حزنت كثيرًا، ليس فقط لأن القبور دُمّرت، بل
لأن مَن دمّروها ظنّوا أنهم قتلوا الذاكرة. وما كان أصعب من كل ذلك، هو تلك اللحظة
حين جاءت الجرافات، تُزيح الركام كأنها تُزيح ماضينا، صوت المعدن على الحجارة كان
يشبه صراخًا خافتًا لا يسمعه أحد، كنت أقاوم رغبتي في الصراخ، لكنني بقيت صامتًا، أُحدّق،
وأبكي من الداخل." و
أرسل لي ابن بلدتي عيناثا، الشاب العشريني، عبدالله خنافر
هذا النص الذي احتفظ به طويلًا في هاتفه منذ يوم 28 تشرين الثاني 2024، بعد أن
سألته عن ذاكرته تجاه ذلك اليوم لأنني لم أستطع أن أكون شاهدةً وحاضرةً حينها. و